حزب العدالة والتنمية في تركيا والمسألةالكردية
د. سناء عبد الله عزيز الطائي
مركز الدراسات الإقليمية / جامعة الموصل
مقدمة:
تأسس حزب العدالة والتنمية (التركي) رسميا في الرابع عشر من شهر آب-أغسطس سنة 2001،وقد أعلن ذلك (رجب طيب اردوغان) رئيس بلدية استانبول الأسبق، والعضو في حزب الفضيلة المنحل(1). وقد أثبتت الانتخابات البرلمانية التركية لعامي 2002 و2007 ،انه لا منافس قويا لحزب العدالة والتنمية .كما وان سياساته باتت تلقى قبولا من غالبية الشعب التركي ومنه بالطبع الأكراد أنفسهم ،خاصة بعد الإعلان عن توجهاته الاقتصادية الليبرالية المتماشية مع اقتصاد السوق، ودعمه لقطاع الخدمات، ووعوده بحل القضية الكردية(2) . وقد جرت الانتخابات داخل الحزب لاختيار الأمين العام للحزب بعد الإعلان عن تأسيسه، ونجح اردوغان في أن يكون أول أمين عام للحزب.كما نجح في تولي رئاسة الوزراء، وأصبح زميله عبد الله غل رئيسا للجمهورية وفاز بولند ارنيتش برئاسة المجلس الوطني الكبير (البرلمان ) وبذلك أطبق الحزب على الرئاسات الثلاث في تركيا (3). وسنحاول في هذا البحث أن نقف عند سياسته تجاه إحدى المسائل المزمنة التي تشغل الأتراك في السنوات ال70 الماضية وهي المسألة الكردية، ولنبين أولا الأسس الرئيسة لتوجهات حزب العدالة والتنمية .
أولا: توجهات حزب العدالة والتنمية:
اتضح من خلال التصريحات التي أدلى بها اردوغان، بأن الحزب الجديد يركز على أربعة نقاط هي على التوالي(4):
1. أن الحزب سيبذل جهوداً مكثفة لتلبية احتياجات الناس الثلاثة التي تتلخص بالعدالة والحرية وضمان لقمة العيش.
2. العمل على مجابهة المفهوم الخاطئ بان العلمانية ضد الدين.
3. تأكيد أهمية الحريات والحقوق الأساسية في عملية إنهاض تركيا وحل مشكلاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
عد اردوغان، تأسيس حزب العدالة والتنمية نقطة تحول في تاريخ تركيا، وأكد أن الشفافية والديمقراطية ستسودان الحزب، منتقداً هيمنة القلة في الأحزاب التركية الأخرى ورفض أن يصنف حزبه ب(الإسلامي) وقال انه حزب محافظ، وأوضح أحد قادة الحزب وهو يشار ياكيش، وقد عمل سفيرا لبلاده في القاهرة والرياض ،بان الحزب الجديد سيلبي تطلعات الشعب التركي الذي يبحث عن حلول جديدة(5).
جرت الانتخابات التشريعية في تركيا يوم 3 من/تشرين الثاني/ نوفمبر/ سنة 2002 أي قبل ثمانية عشر شهرا من موعدها الأصلي، وحصل حزب العدالة والتنمية على 34,29% من إجمالي أصوات الناخبين اللذين وصل عددهم إلى (30) مليوناً أي أن (10) ملايين ناخب صوتوا للحزب ،ومعنى هذا أن عدد مقاعد الحزب بالبرلمان وصلت إلى (363) مقعدا من اصل (550) مقعدا، وبذلك أصبح الحزب قادرا على تشكيل الحكومة بمفرده(6).
وفي 18 تشرين الثاني 2002 شكل عبد الله غل الوزارة. وسارع زعيم الحزب رجب طيب اردوغان عشية فوز حزبه إلى إعادة تصنيف حزبه فعده " حزبا محافظا وديمقراطيا وليس حزبا أصوليا إسلاميا" (7). ويعتقد اللواء أركان حرب صلاح الدين سليم محمد، وهو باحث استراتيجي مصري، في مقالته الموسومة:" تركيا : أجندة ساخنة وتبدلات في السياستين الداخلية والخارجية(8)، أن حزب العدالة والتنمية سعى لإحداث تعديل جوهري في قيم وتوجهات المجتمع التركي. كما توقع مراقبون آخرون بان الحزب سيعمل على وقف تدهور الأوضاع للطبقات الفقيرة .
ثانيا: موقف حزب العدالة والتنمية من القضية الكردية
الذي يهمنا من هذا كله، ما هو موقف حزب العدالة والتنمية من المسألة الكردية،فكما هو معروف ، ينتشر الأكراد في جميع المدن والمحافظات التركية وخاصة في شرق الأناضول وجنوبي شرق تركيا، ولا يقل عددهم عن ثمانية أو تسعة ملايين نسمة وهم يشكلون مابين 10% _11% من مجموع السكان الذي يقترب من (80) مليوناً.(9)وفي هذا المجال لابد من الإشارة إلى برنامج الحكومة الذي قدمه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان يوم 18 آذار-مارس 2003 واستحضر فيه جهود مصطفى كمال أتاتورك في بناء الدولة التركية الحديثة ومن ذلك أن البرنامج تضمن عدة توجهات في مجال الإصلاح السياسي الداخلي، فالبرنامج رفض ما اسماه بـ(سياسة الاقتصاد والمشاريع القائمة على التفريق بين أبناء الشعب أو المذهب)(10).
كما أكد على ضرورة تحديث الحياة السياسة من خلال تعزيز قيم الديمقراطية ودولة القانون. وفي إطار ذلك وضعت حكومة حزب العدالة والتنمية أهدافا عديدة في إدارة دفة الحكم كان من أبرزها تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي. ويقينا أن الحزب وضع المسألة الكردية ، نصب عينيه، وهو يسطر الخطوط العريضة لسياسته الداخلية. كما اخذ بنظر الاعتبار ما سمي بـ(الرزمة السادسة) المتعلقة بـ(معايير كوبنهاكن) وتهدف هذه المعايير إلى التوفيق بين بنية تركيا السياسية وبنية دول الاتحاد الأوربي وذلك بتاريخ 26 حزيران 2003 والتي نصت فيها عليه "تحسين مستوى حياة الأكراد وتوسيع سقف الحريات لهم ، والسماح لهم بتعلم لغتهم وفتح بعض المدارس الكردية، وتخصيص نصف ساعة للبرامج الكردية في التلفزيون التركي trt وإطلاق سراح البرلمانية الكردية ليلى زانا وثلاثة من زملائها"(11). ومن أجل وضع هذا موضع التنمية اختار الرئيس التركي الجديد عبد الله غل أربعة مدن كردية كمحطات في أول جولة داخلية يقوم بها منذ انتخابه رئيسا للبلاد في الثامن والعشرين من آب/ أغسطس 2007خلفا للرئيس الأسبق أحمد نجدت سيزر. وقد زار غل في جولته التي دامت أربعة أيام كل من ولايات (وان) و(سيرت)و(شرناخ) و(ديار بكر) التي تعد معتقلا لحزب المجتمع الديمقراطي المهتم بكونه الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني . وقد قسم الرئيس التركي وقته (بالتساوي ) بين لقاء قادة الجيش الميدانيين في تلك المناطق ، والذين يخوضون الحرب ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي، ولقاء أنصار ومؤيدي حزب العدالة والتنمية. ومع أن عدد من المراقبين قالوا أن الزيارة تحمل أغراضا انتخابيا، وهي السعي لمقابلة الأكراد في عقر دارهم وطمأنتهم، بان الرئاسة ستولى السكان الأكراد في جنوب شرق البلاد أهمية خاصة ، وبشكل خاص فيما يتعلق بتنمية مناطقهم ،وتوفير فرص العمل وتقديم مزيد من الخدمات إليهم"، إلا أن الزيارة كانت ناجحة علما بان الرئيس غل لم يأت في خطبه التي ألقاها على ذكر "القضية الكردية"، ولم يقدم وعودا بحلها مثلما فعل اردوغان خلال زيارة له لمدينة ديار بكر منتصف شهر آب 2005، بل ركز على إطلاق وعود تتمحور حول تحسين مستوى المعيشة، وخلق فرص تنمية وعمل في المناطق التي تعد الأكثر تخلفا وفقرا في تركيا، مكررا بين الحين والآخر بأنه" رئيس الجميع في تركيا". كذلك بدا الرئيس التركي، أكثر تصلبا في حديثة عن حزب العمال الكردستاني((والعمليات الإرهابية التي يقوم بها في المنطقة)).. وقال بان الدولة ((لن تتساهل مع الانفصاليين أو كل من يثبت تقديمه الدعم لها))، وبكلمه أخرى، لم تخرج مواقف غل عن سياسات حزبه السابقة المعروفة تجاه القضية الكردية(13).
يقول الأستاذ طارق حمو في دراسة له بعنوان :" حزب العدالة والتنمية يريد حل المسألة الكردية"، أن سياسة حزب العدالة والتنمية في مناطق كردستان الشمالية تبتعد عن الخوض في الجانب السياسي، وإنما تركز على مسائل التنمية الاقتصادية وتحسين الخدمات ومنح القروض للناس. وقد نجح الحزب في هذا المجال كثيراً، فالبلديات التي يسيطر عليها في ولايات إقليم كردستان الشمالي، بدت أكثر تنظيما وتقديما للخدمات، كما بدا الناس أكثر ارتباطاً مع أسلوب الحزب الحاكم في الإدارات المحلية، لذلك حصد حزب العدالة والتنمية أكثر من نصف الأصوات في كردستان وتفوق على حزب المجتمع الديمقراطي الكردي في مناطق كانت تعد سابقا من معاقل هذا الحزب الأخير. وكما هو معروف فان حزب العدالة والتنمية يهيمن اليوم على اغلب البلديات، ومنها بلدية ديار بكر في الانتخابات البلدية القادمة في 2009(14).
قال اردوغان أكثر من مرة، أن حزب العدالة والتنمية يروم السيطرة على ديار بكر، وضمان استمرارية تأييدها له. وقد واجه هذا التصريح رد فعل عنيف من عثمان بايدمير رئيس بلدية ديار بكر ،واحد قادة حزب المجتمع الديمقراطي والذي قال" أن الأكراد مستعدون لخوض مواجهة عنيفة من اجل الاحتفاظ بإدارة المدينة ". ويبدو أن (بايدمير) شعر بضعف حزبه وعدم قدرته على المواجهة، خاصة وان أنصار حزب العدالة والتنمية يزيدون من ضغوطهم على حزب المجتمع الديمقراطي ويقيمون الدعاوى بحقهم أمام المحاكم التركية بتهمة دعم حزب العمال الكردستاني والتلفظ باللغة الكردية في المناسبات العامة. ومن أساليب حزب العدالة والتنمية في عرقلة نجاح ضمه حزب المجتمع الديمقراطي، وإقامة البنوك المحلية وتسليفها القروض الميسرة للمواطنين الأكراد، وتقوية (حماة القرى)، وهم أفراد من العشائر الكردية المتعاونة مع الدولة في الحرب ضد المقاتلين الأكراد، ودعم الطرق الصوفية النقشبندية في المناطق الكردية.(15)
ثالثا:حزب العمال الكردستاني ورؤيته لمواقف حزب العدالة والتنمية
انتقد حزب العمال الكردستاني سياسة حزب العدالة والتنمية في كردستان، وعلى لسان جميل باييك، أحد قادته التاريخيين عندما قال بان " حزب العدالة والتنمية يحاول ضرب الأكراد بالتعاون مع الجيش، لتمرير أجندته، واستكمال سيطرته على الدولة.. وأشار كذلك إلى "حالة العزلة المشددة التي تفرضها الحكومة على الزعيم الكردي عبد الله أوج ألان المحتجز منذ سنة 1999 في جزيرة ايمرلي النائية وسط بحر مرمرة، وارتفاع وتيرة العمليات العسكرية ضد مقاتلي الحزب وأضاف :"بان تركيا حشدت أكثر من ربع مليون جندي لضرب قوات حزب العمال الكردستاني، وان اكبر العمليات العسكرية ضد المقاتلين الأكراد شنت في عهد حزب العدالة والتنمية، وبتحريض واضح منه"، كما قال أن :" سياسة ضرب كوادر حزب المجتمع الديمقراطي وإقامة الدعاوى ضدهم، وكذلك تجويع الجمعيات الخيرية الإسلامية" وحذر من ما اسماه "رد فعل كردي عنيف على سياسة الابادة المواطنين الأكراد، ومن ثم شراء أصواتهم عن طريق منح القروض وإنشاء البنوك ، هذه التي استهدفت وجود وحقوق الشعب الكردي في البلاد"(16).
كما انتقد امتناع حزب العدالة والتنمية لإدخال أي عبارة تشير إلى الشعب الكردي أو قضيته في مسودة الدستور الجديد الذي يعد الآن وهو الأمر الذي قال حزب العمال الكردستاني بأنه "يدل على إصرار هذا الحزب على إنكار حقوق الأكراد في البلاد والمضي قدماً في قمعهم".(17)
خاتمة وملاحظات :
ليس من شك في أن حزب العدالة والتنمية، وبعد سيطرته على المناصب الرئاسية الثلاثة الكبرى في تركيا وهي الدولة والحكومة والبرلمان، بات يركز على قضايا أخرى منها قضية عضوية تركيا في الاتحاد الأوربي،وترسيخ الدور الإقليمي لها والتطلع باتجاه الأسواق العربية والانغمار في قضية الصراع العربي_ الإسرائيلي من خلال الوساطة بين سوريا وإسرائيل وإيجاد موطئ قدم (سياسية واقتصادية) في العراق والخليج العربي(18).
ويرى المراقبون أن ذلك كله سيكون على حساب القضايا الداخلية ومنها المسألة الكردية، وخاصة أن كل جهود حزب العدالة والتنمية منصبة اليوم على إظهار مبدأ "الإخوة الإسلامية" التي تجمع الأتراك والأكراد، وان على الأكراد الابتعاد عن حزب العمال الكردستاني لمبادئه الانفصالية التي تستهدف بنية الدولة التركية وأسسها الراسخة، ويعمل حزب العدالة والتنمية على إشعار المواطنين الأكراد بان حل قضيتهم لا يكون بالأسلوب العسكري، وان من الضروري عدم الانصياع لخطط الجيش في شن عمليات عسكرية واسعة تطال ألاماكن التي يتواجد فيها حزب العمال الكردستاني داخل تركيا وضمن الأراضي العراقية، وهذا مما يزيد من شعبية الحزب في المناطق الكردية، خاصة وانه يعمل باستمرار على إتباع سياسة واضحة في مجال تقديم الخدمات، وتأمين فرص العمل للفقراء وتقديم القروض الميسرة، وهذا ما يحملنا على القول بان حزب العدالة والتنمية غير مستعد في الوقت الحاضر ، على الأقل ، لتقديم برنامج شامل وواضح لحل القضية الكردية في تركيا حلا جذريا يقوم على أسس سلمية وديمقراطية .وقد تكشف الأيام مستقبلا أن الحزب قد يخطو خطوات عملية باتجاه الحل عندما يشعر بان الاتحاد الأوربي مستعد لقبول تركيا ضمن عضويته ، والى أن يأتي ذلك اليوم فان العلاقة بين حزب العمال الكردستاني والأحزاب الأخرى من جهة وحكومة حزب العدالة والتنمية لا تزال متوترة .وفي السياق نفسه الذي كانت عليه هذه العلاقات خلال سنوات حكم الأحزاب التركية ومنذ 1923 وحتى يومنا هذا(19). ومما يؤكد رأينا أن الباحث التركي المعروف أمير تاسبينار مدير برنامج تركيا في معهد بروكنغز وأستاذ دراسات الأمن القومي في كلية الحرب القومية الاميركية في دراسة أصدرها فرع معهد كارنيغي في الشرق الأوسط، ومقره بيروت أن سياسة حزب العدالة والتنمية انفكت من أسار (الهم الكردي) وتوسعت إلى قضايا أخرى لكن من دون التقليل من أهمية مركزية ذلك (الهم) في تكوين وتوجيه السياسة الخارجية(20) .ويتطرق تاسبينار إلى وجود نظرة مختلفة عند حزب العدالة والتنمية ((إزاء القضية الكردية تتجاوز الصرامة الكمالية القومية،وتحاول إدخال مكون التوافق مع الأكراد ضمن هوية تركية إسلامية فضفاضة وليس هوية تركية متشددة ))(21) .ويشير تاسبينار إلى بعض المواقف التي اتخذها حزب العدالة والتنمية تجاه الأكراد ،وبخاصة في الأناضول، وابتعدت معظمها عن التصلب القومي الذي كانت السياسة الكمالية وممثليها تتسم به ،ولم يعد خطر المطامح القومية الكردية في جنوب شرقي تركيا هو من أولويات اهتمامات حكومة حزب العدالة والتنمية وإنما بدأت تركيا تزج بنفسها في قضايا الشرق الأوسط ومنها القضية الفلسطينية والتوسط بين سوريا وإسرائيل وما قد يترتب على ذلك من ترتيبات وتوافقات مع دول الجوار وبخاصة العراق وإيران وسوريا(22) .وفي سياق آخر مشابه لهذا السياق، يقول الباحث خالد الحروب : أن حزب العدالة والتنمية حقق مالم تحققه الأحزاب العلمانية طوال عقود، فلقد عمل على إنجاز سلسلة من الشروط التي وضعها الاتحاد الأوربي لدخول تركيا في منظومته وأهمها تحسين أوضاع حقوق الإنسان والاعتراف بالحقوق الثقافية للأكراد كمجموعة قومية .ويذهب الباحث( بافي رامان) إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية أخذت تفكر لأكثر من مرة، في مسألة إرضاء المؤسسة العسكرية في قراراتها بملاحقة المتمردين الأكراد من أنصار حزب العمال الكردستاني التركي داخل الأراضي العراقية، فاردوغان وقادة الحزب يعلمون جيدا، أن أي عمل عسكري في الأراضي العراقية هو بمثابة نكث للوعود التي أطلقها الحزب على مرأى ومسمع الناخبين الأكراد في ديار بكر وباقي المحافظات ذات الأكثرية الكردية من أن الحزب سيسعى في حال توليه السلطة تسوية القضية الكردية ((بمزيد من الديموقراطية ))(23). وتذكر الدكتورة نوال عبد الجبار سلطان الطائي(24) أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اعترف بوجود مشكلة كردية في تركيا، كما اعترف بوجود أخطاء في السياسة القديمة وتعهد بفتح صفحة جديدة أكثر ديموقراطية مع الأكراد، وسبق لردوغان أن قال في تصريح أدلى به لدى استقباله مجموعة من المثقفين الأكراد :((أن الحل الوحيد هو تحقيق الديموقراطية والإصلاحات في النظام التعليمي )). وأضاف انه يجب مناقشة المشكلة الكردية في إطار مبادئ الجمهورية والنظام الدستوري وأمام حشد كبير من الأكراد قال في ديار بكر يوم 12 آب –أغسطس 2005: (( أريد أن تعلموا أن تركيا لن تعود إلى الوراء، ولن تسمح بأي تراجع في العملية الديموقراطية ،وسوف تحل جميع المشاكل بمزيد من الديموقراطية والحقوق المدنية والازدهار )) .
مع أن قادة حزب العمال الكردستاني رحبوا بمواقف اردوغان، وعدوها خطوة ايجابية، لكنهم ذكروا بان رؤساء وزراء أتراكا آخرين اقروا بالواقع الكردي، ولكنهم لم يترددوا في استخدام الحل العسكري بدلا من تسوية القضية سلميا(25) .
ويبدو من خلال المتابعة الميدانية أن حكومة حزب العدالة والتنمية جادة في سياستها تجاه المسألة لكردية من حيث إقدامها على رفع حالة الطوارئ التي كانت مفروضة منذ 15 سنة في جنوب البلاد ،كما سمحت ببث البرامج التلفزيونية باللغة الكردية وسمح بإنشاء معاهد خاصة لتعليم اللغة الكردية واتخذ قرار بان تبدأ 11 قناة تلفزيونية في أواخر كانون الأول 2005 ببث موادها ضمن ساعات محددة باللغة الكردية والاهم من ذلك الإعلان عن البدء باستثمارات صناعية كبيرة في جنوب شرقي البلاد حيث يكون الأكراد أكثرية السكان، ودعوة رجال الإعمال بأخذ زمام المبادرة، والعمل لتنمية وتحديث المنطقة. وأخيرا لابد من التأكيد على نقطة مهمة، وهي أن الأكراد في دعمهم لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات السابقة، إنما ينطلقون من حقيقة انه الأقل عداء لهم من الأحزاب القومية الأخرى. فضلا عن أن قادة حزب العدالة والتنمية أكثر شعبية، وأكثر مصداقية، ونظافة كف، ورغبة في خدمة الشعب التركي، وحل مشاكله وتحقيق المساواة بين أفراده (26).
--------------------------------------------------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق