دريني خشبة
وحركة الترجمة العربية المعاصرة
ا.د.إبراهيم
خليل العلاف
جامعة الموصل
-العراق
أسم كثيرا
ما لفت نظري وأنا شاب صغير قبل 50 عاما اقرأ المجلات والصحف المصرية، وأتساءل مع نفسي أي اسم هذا ؟ هل هو مصري حقا
فنحن لم نعتد أن يسمي المصريون أسماء أولادهم هكذا. وبمرور الأيام ، وبعد دخولي كلية التربية ببغداد
أوائل الستينات من القرن الماضي اكتشفت بأن للرجل فضلا عن المقالات ترجمات لكتب
مهمة في تاريخ الفكر الإنساني من قبيل( الإلياذة) و(الأوديسة).فضلا عن مؤلفاته
الأخرى ومنها : (أساطير الحب والجمال عند اليونان ) والذي نشرته دار التنوير
بالقاهرة سنة 1983 .
وقد ظل اسمه يتردد على مسامعي طيلة السنوات
الماضية ، وقفز فجأة إلى ذهني عندما قرأت مقالا لأحد الكتاب يدعو فيه إلى استذكار
دريني خشبة والاحتفاء بما قدمه على صعيد الترجمة. ومن الطريف أن زوجتي الدكتورة
سناء عبد الله عزيز الطائي رددت اسمه قبل فترة قصيرة وقالت لي هل تتذكر دريني خشبة
؟ أجبتها نعم ولكن وجدت أن النسيان سرعان ماعاد ليلف ذكرى الرجل . فمن هو دريني
خشبة وما أعماله ولماذا نريد ويريد غيرنا الكتابة عنه ؟
ولد محمد الدريني بن سيد بن يوسف خشبة المترجم والكاتب المسرحي ،وهذا هو اسمه الكامل في مدينة شربين بمحافظة الدقهلية الواقعة في شرقي الدلتا المصرية في الأول من كانون الثاني –يناير سنة 1903 .تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمدينة المنصورة حتى حصل على شهادة البكالوريا سنة 1922. ثم انتقل إلى القاهرة والتحق بكلية الحقوق بالجامعة المصرية، لكن ظروف أسرته المادية والاجتماعية حالت دون استكمال دراسته بها .وقد بدأ بالدراسة وتثقيف نفسه ذاتيا خاصة. وكان يكتب المقالات في الصحف والمجلات ومن هذه المقالات ما كان يحمل أفكارا مهمة من قبيل مقالته التي نشرها سنة 1930 بعنوان "ابن خلدون وإخوان الصفا " والتي يذكر الأستاذ عبد الله باجبير أن دريني خشبة زعم فيها بأن المؤرخ والفيلسوف الاجتماعي عبد الرحمن بن خلدون أخذ كثيرا من نظرياته من إخوان الصفا ..
عمل معلمًا للغة الإنجليزية بإحدى مدارس الجمعية الخيرية الإسلامية (1923) متنقلاً بين بعض المدن المصرية . وكان إلى جانب عمله يقوم بالترجمة في بعض الصحف، منها: جريدتي اللواء والأخبار. انتقل إلى القاهرة سنة 1942 وتولاه بالرعاية الأستاذ الدكتور طه حسين وكان وزيرا للمعارف (التربية ) وعينه مترجما في دائرة الترجمة بوزارة المعارف العمومية.
دعوة مخلصة للاهتمام بتراث الأستاذ دريني خشبة وخاصة مقالاته التي كان
ينشرها في الدوريات المصرية إبان الستينات من القرن الماضي .كما أن لديه أعمالا
غير منشورة أشار إليها الأستاذ الشاعر حسن توفيق منها روايته :"الإنسانية
تغني " ومجموعة من القصائد .أما الأستاذ رجائي عطية فقد أكد في مقال عن دريني
خشبة بأنه قدم الأدب اليوناني إلى القراء والمتابعين العرب بأحلى مايكون . كما كتب
عن تاريخ المسرح ، وأصوله، وقواعده،
وفنونه. وقال بالنص : " إن دريني
خشبة يعد الأب الحقيقي للدراسات المسرحية
العربية " ،وانه " اسم كبير جدا في عالم المسرح والمصدر الرئيس الذي
ارتكزت عليه الثقافة المسرحية العربية
المعاصرة "،وكتابه : " أشهر المذاهب المسرحية " ،يعد من
الكتب المتميزة التي تدرس في أكاديميات
وكليات الآداب والفنون الجميلة في عالمنا العربي
ترجم درينى خشبة للمكتبة المسرحية :
" عالم المسرحية " تأليف لاروس نيكول ، ونشرت الترجمة سنة 1958 . كما
ترجم كتاب "في الفن المسرحي " تأليف ادوارد جوردن كريج وترجم المجلد الأول من " تاريخ المسرح في ثلاثة آلاف سنة "
لشلدون تشيني 1963 . وللأسف لم
يقدم أحد من المترجمين –على حد علمي - على
ترجمة الجزء الثاني من هذا الكتاب الموسوعي .رحم الله دريني خشبة فقد قدم لوطنه
وأمته مايفيد .